29‏/07‏/2010

تحويل أحد موظفي السفارة الأمريكية في عمان الى المدعي العام بتهمة النصب والاحتيال

حولت الاجهزه الامنيه اليوم أحد الموظفين العاملين في السفارة الأمريكية في عمان الى المدعي العام بعد توجيه تهم للأخير بالنصب و الاحتيال على المواطنين .

و بحسب المعلومات الواردة فإن الموظف المدعو ( ح.س ) اتهم بالنصب على مجموعة سياحية محلية حصلت على أحد البروشورات الخاصة برحلة الى منطقة العقبة و التي كانت تحمل اسم المذكور و رقم هاتفه حيث تم بالفعل نقل 15 من السياح الى العقبة حيث كانت المفاجأة باختلاف كلي بين ما ورد في النشرة الموزعة و بين ما وجده هؤلاء بانتظارهم في العقبة و هوالأأمر الذي دفعهم الى تقديم شكوى بحق الشخص قبل أن تلقي الأجهزة الأمنية القبض عليه و تحوله الى الجهات المختصة .

المصدر: سرايا

نتائج التوجيهي

لتحصل على نتيجة التوجيهي من وزراة التربية والتعليم فور صدورها ادخل على هذا الموقع: نتائج التوجيهي حيث ستتغير الصفحه تلقائيا عند صدور النتائج وكل ما تحتاجه هو رقم الجلوس لتحصل على نتيجتك فورا ومجانا

22‏/07‏/2010

تخفيض توقعات النمو

صندوق النقد الدولي خفض توقعات النمو الاقتصادي في الأردن لهذه السنة من 1ر4% إلى 4ر3% مع أنه لم يمضٍِ على التقدير الأول سوى ستة أشهر.

الحكومة بدورها –على لسان وزير المالية- خفضت تقديرات النمو هذه السنة من 4% إلى 4ر3% مع أنه لم يمض على التقدير الأول سوى أسابيع معدودة.

ما الذي حدث خلال هذا الشهر مما دعا الصندوق والحكومة إلى تخفيض تقديراتهم للنمو في هذه السنة؟.

هذا التخفيض ليس له مبرر، فالمؤشرات الاقتصادية وخاصة الصادرات الوطنية والمستوردات وحوالات المغتربين والإنتاج الزراعي والصناعي والتعديني أعطت قراءات إيجابية مشجعة.

الأرجح أن هذا التراجع في التقدير يعود لإعلان دائرة الإحصاءات العامة أن معدل النمو في الربع الأول من هذه السنة كان في حدود 2% فقط، مع أن أية قراءة جادة لأرقام الناتج المحلي الإجمالي عن الربع الأول التي نشرتها الدائرة تدل على أن القطاعات الاقتصادية في الأردن المنتجة للسلع والخدمات قد حققت نمواً بنسبة 46ر3%، وأن تخفيض هذا الرقم إلى 03ر2% كان نتيجة خطأ مقصود أو غير مقصود في التعامل مع رقم الضرائب على المنتجات، أي ضرائب المبيعات والجمارك، حيث بينت القوائم أن الضرائب لم تنقص بل زادت بنسبة 8ر13% بالأسعار الجارية وانخفضت ويا للعجب بنسبة 4ر7% بالأسعار الثابتة، وهو أمر مستحيل الحدوث، ذلك أن الرقم بالأسعار الثابتة كان يجب أن يظل موجباً بنسبة 10% على الأقل باستخدام المخفض البالغ 7ر2%، الأمر الذي يرتفع بالنمو بالأسعار الثابتة إلى أكثر من 5ر3%.

لو قامت دائرة الإحصاءات العامة بتصحيح الخطأ الصارخ، واعترفت بأن النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة خلال الربع الأول من السنة كان فوق 5ر3%، فربما كان صندوق النقد الدولي سيعيد تقدير النمو عن السنة بأكملها ليرفعه بدلاً من تخفيضه، وكان وزير المالية لا يضطر لإعادة تقدير رقم النمو باتجاه تراجعي، وما يعنيه ذلك من إعادة النظر في المؤشرات الأخرى لهذه السنة، وخاصة الإيرادات والنفقات ونسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي.

للمرة الثالثة نعود إلى هذا الموضوع الحيوي، فهل تقوم الإحصاءات العامة بتصحيح الخطأ الواضح أم تواصل الصمت؟!.

بقلم: فهد الفانك

21‏/07‏/2010

انتخابات بنكهة القهوة!!

قرأت خبراً مفاده أن زيت الزيتون يكافح امراض القلب وتصلب الشرايين!!.

الخبر مفرح لأننا في الاردن والمنطقة نتناول زيت الزيتون في وجباتنا الغذائية باستمرار, ولكن ما نخشاه هو أن تزيد نسبة استهلاك الزيت كدواء فترتفع اسعاره بزيادة غير مبررة من قبل التجار او ان تفرض الحكومة ضريبة جديدة على زيت الزيتون.. ويصبح زيت الزيتون من الكماليات او المواد المحظوظة التي لا يتناولها سوى فئة ما فوق الطبقة المتوسطة تصاعديا.

وعندما كنت اقرأ عن فوائد زيت الزيتون, لفتت نظري صورة منشورة للرئيس سمير الرفاعي يتحدث الى احد التجار في مدينة اربد الى جانب كومة من البن المحمص, واعتقد ان الحديث كان يدور حول الاسعار والانتخابات معا, خصوصا ان الرئيس الرفاعي هو القائل بأن الحكومة الغت الاعفاء الضريبي على البن (القهوة), كما فرضت ضريبة على البنزين, وفي الحالتين زادت اسعار السلعتين على المواطن واثرت سلباً على ما في جيوبه من مال تتناقص قدرته الشرائية امام ارتفاع الاسعار في الاسواق, والتي نخشى ان تواصل الارتفاع في شهر رمضان رغم تطمينات الحكومة!!

وبالنسبة للقضية المهمة الاخرى التي شغلت بال الحكومة في جولات الرئيس هي مسألة الانتخابات التي تطبخ الآن على نار هادئة رغم ارتفاع اسعار الوقود, وارجو ان تكون انتخابات نزيهة وشفافة وبنكهة القهوة أيضا, فأنا اخشى أن تأخذ كاسات الشاي مكان فناجين القهوة في امسيات شهر رمضان حيث ستكثر وتزداد وتزدهر السهرات الانتخابية التي أتمنى ان تنتهي كلها على خير وبعيدا عن العنف و"الهوشات" العائلية.. التي اصبحت ظاهرة مجتمعية بديلة للحوار الديمقراطي وروح التسامح في المجتمع المحلي..

وعلى صعيد شخصي انا مسرور بالانتخابات النيابية, لأن وجود مجلس نواب ضرورة تشريعية رقابية سياسية اقتصادية مجتمعية, مهما كان رأي الآخرين به, فلا يوجد شعب في الكرة الارضية يبتهج بحل مجلس النواب وتغييبه, لأن القاعدة الديمقراطية الاولى تؤكد ان غياب مجلس النواب هي حالة فراغ تغري السلطة التنفيذية بالتغول والاستبداد, وهذا هو رأي الفيلسوف البريطاني جون لوك الذي تحدث عن فصل السلطات قبل اكثر من 300 عام وهو صاحب كتاب "رسالتان في الحكم" الذي تضمن آراءه التي تقول ان الوظيفة العليا للدولة هي حماية الحرية وان على الحكومة الحفاظ على حقوق الشعب وحريته...

يبقى ان اهمس للرئيس باصدار تعميم للمسؤولين بالتوقف عن استخدام عبارة "انتخابات نزيهة وشفافة" لأن تكرارها احدث شيئا من التشبع الذي يبعث على القلق والشك عند المواطن, ولأن هذه العبارة اصبحت وسيلة للدعابة والتندر والمرح في الشارع السياسي الخبيث كما في الشارع العادي البريء أيضاً!!

بقلم: محمد كعوش

11‏/07‏/2010

عندما يحاضر زعيم الفساد عن النزاهة

كتبت الخاطرة المرفقه منذ أشهر...وذلك عندما وردني خبر مفاده أن احد كبار المتنفذين المعروفين "بعدم استقامتهم " يقوم بالقاء المحاضرات والندوات وعقد اللقاءات الحوارية وفي وسائل الإعلام المختلفة حول "النزاهة " وفي مناطق متفرقة في المملكة... وعلى طرافة الخبر، إلاّ انه أثار فيَ بعض الشجون والخواطر... فبالإضافة لكون هذا الامر بعيدا كل البعد عن الحقيقة والمنطق، إلا إنيّ اعتبرته أيضا إمتهانا لذكاء وكبرياء كل أردنيّ وأردنيّة على ثرى هذا الوطن الغالي، ومبررا كافيا لمحاولة التصدّي لهذا الزّيف والصّلف... وما أن أنهيت مقالي وهممت بإرساله إليك في ذلك الوقت، حتى تشكلت الحكومة الحالية... وجاء أحد محاور عملها الرئيسة، وبتوجيه من سيدّ البلاد، محاربة الفساد. تلاها اتخاذ عدة إجراءات حكومية في هذا المجال... فآثرت عدم نشرها في ذلك الوقت حتى لا يساء فهمها وتوجّه في غير وجهتها.

أما الآن وقد مرّت الَشَهور، أعتقد انه من الملائم نشرها مع بعض الإضافة التي تأخذ بعين الاعتبار الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بهذا الشأن ومنذ تشكيلها...:

يعبق بلدنا الحبيب بإنجازات كثيرة في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية سواء أكانت في التعليم أو الصحة أو البنية التحتية أوالأمن و الأمان وغيرها كثير... بنتها ومازالت تعزّزها القيادة الهاشمية الحكيمة و نشامى و نشميات هذا الوطن الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وخدموا هذا البلد وقيادته وشعبه بكل إخلاص ونزاهة وتفان... المسيرة لم تكن سهلة ويسيرة والتحدّيات الداخلية والخارجية كانت و ما تزال كبيرة... إلا أن اصطفاف الشعب حول قيادته وجهود المخلصين من أبناء الوطن مكّنته من اجتياز معظم هذه التحديات... ولكن يبقى هناك تحدّ رئيس لم نستطع لغاية الآن التعامل معه بنجاعة... تحد كان و مازال العائق الأكبر أمام دفع عجلة التنمية الاقتصادية والإجتماعية للمستوى الذي يطمح له جلالة الملك المعظم... تحدّ يعد المانع الأبرز أمام جذب الاستثمارات والمساهم الأكبر في ازدياد الفقراء فقرا وتفشي ظاهرة البطالة للمستويات التي نشهدها الآن... ألا وهو تحّد الفساد.

فعندما يمارس الفساد في أي بلد فهو مصيبةٌ تنخرُ في مقوماتها... و لكن عندما يكون هذا البلدُ بلدا ناميا محدود الموارد تكبر المصيبة ويعظم أثرها... وعندما يكون الفاسدُ مسؤولا عاملا أو سابقا تتجذر المصيبة وتتأصل ويصعب إجتثاثها... أما عندما يدعي هؤلاء المفسدون النزاهة ويلقون المحاضرات والندوات ويتحدثون في الجلسات واللقاءات عنها فإن المصيبة تتجاوز كل حد إلى درجة الإهانة المباشرة لعقول وأذهان كل الشرفاء من أبناء هذا الوطن... فالفاسدون يعلمون علم اليقين أنهم فاسدون... بل أنهم زعماء الفساد ورؤساؤه ومحركوه... ونحن نعلم أنهم فاسدون... وهم يعلمون بأننا نعلم بأنهم كذلك... اذا كيف يفكر هؤلاء... وما مدى الصّلف الذي وصلوا إليه بأن يحاضروا على هذا الشعب الطيب حول موضوع هم أبعد ما يكونوا عنه.

عتبي ليس على "زعماء الفساد " الذين حاضروا ويحاضرون عن النزاهة... عازفي الطبل والمزمار... فإن لم تستح فاصنع ما شئت... ولكن عتبي على من حضر محاضرة هؤلاء واستمع وابتسم وصفّق... عتبي على من لم يسأل عن ثرواتهم الآن وكم كانت قبل توليهم المنصب لأول مرة وكيف حدث هذا... أهي الارث ام العمل الخاص المشروع؟!!! عتبي على من لم يقف مجاهرا الفاسد في وجهه بأنه فاسد وبأننا جميعا نعلم تاريخه وبأنه فاسد...

في الدول التي تحترم ذاتها عندما تدور شبهة الفساد حول مسؤول عامل أو سابق، متمثّلة في الازدياد المفاجئ والملحوظ في الّثروة غير المبرر بإرث أو عمل خاص مشروع، يحدث أمران أولهما رسميّ والآخر شعبيّ. أما الرّسمي فيكون من خلال رفع الحصانة عن من تدور حوله شبهة الفساد (وهذه هي الخطوة الأساس) ليتم التحقيق معه من قبل النائب العام أو الجهة المختصّة بالتحقيق، ويتم التحفظ على أمواله المنقولة وغير المنقولة وأموال زوجه وأقاربه من الدرجة الأولى وأزواجهم لحين الانتهاء من التحقيق، فإذا انتهى التحقيق بجمع ما يكفي من الأدلة يحوّل للمحكمة المختصّة ليحاكم وإذا انتهت المحاكمة بالإدانة يتلقى الفاسد العقوبة الملائمة بالسجن والغرامة.

أما الجانب الشعبيّ فهو أقوى وأعظم، إذ ينبذ الفاسد أو المشتبه بفساده كليا من قبل مجتمعه... رسالة مدوية يوجهها له مجتمعه بأن المواطن العادي لا يقبل بفساده ويعتبر الفاسد جسما دخيلا عليه يرفضه وينبذه... و حتى لو لم تتم إدانة الفاسد بسبب "فهلوته " وإدراكه التام لفنون الفساد وكيفية ممارسته دون أن يضبط، ينبذه مجتمعه، ولا يتعامل معه بأي شكل من الأشكال ليعلمه بان المواطن العادي يعلم بفساده... و إن الفاسد بفساده إنما يتعدى على قوت هذا الشعب ومستقبل أبنائه... الأمر الذي يرفضه المجتمع ولا يقبله.

أما في الدول التي مازالت لا ترتقي في ثقافتها وممارساتها للتعامل مع هذا التحدي إلى المستوى المطلوب، تكون النتيجة معاكسة تماما... فعلى المستوى الرسمي، لا يكتفي بعدم معاقبة الفاسد على فساده بل يتم تجاوز ذلك بأن يرتقي الفاسد في سلمه الوظيفي قافزا قفزات كبرى تمكنه من تبؤ أعلى المناصب متسلحا بفساده ومعرفته المحكمة بأصوله وطرقه وفهلوته ولسانه وتهريجه وتصنعه وتمثيله... أما على المستوى الشعبي فيجد الفاسد بعض النفاق أو الاحترام المصطنع من بعض ذوي النفوس الضعيفة مما يغذي عقدهم وشعورهم بالنقص والنشوة المصطنعة بالانجاز والزّعامة الزائفة. واقعٌ مريرٌ ناجم عن نظام رسميّ وثقافة مجتمعية لا تحارب الفساد بالشكل الكافي، بل تشجعه وتدعمه في كثير من الأحيان... بقصد أو بغير قصد...

إذا وفي ضوء هذا الواقع المرير والمهدد لمستقبل أبنائنا وبناتنا ومستقبل وطننا، فما هو المطلوب وما هو الحل...

جلالة الملك المعظّم، وفي خطاب التكليف السامي لدولة السيد سمير الرفاعي وكافة خطبة وكلماته وتوجيهاته منذ ذلك الوقت وأخرها كلمته الجامعة بمناسبة عيد الجلوس الملكي وعيد الاستقلال وذكرى الثورة العربية الكبرى، يطلقها صرخات مدوية واحدة تلو الأخرى، غير قابلة للتفسير أو التأويل، بأنه يرى في الفساد تحدّ رئيس لمستقبل هذا الوطن. تحدّ ذي أولوية يجب التعامل معه بكل جدية حرصا على الوطن ومقدراته ومستقبل أبنائه. آمرا الحكومة بان تتخذ كافة الإجراءات الفعلية على ارض الواقع والكفيلة باستئصال هذه المعضلة من جذورها.

الحكومة، والتي نامل لها كل النجاح والتوفيق بإذن الله، وانصياعاً لأوامر جلالة الملك المعظم، بدأت عملها بإرسال عدة إشارات ايجابية جدا في هذا المجال، كان أولها زيارة الرئيس المكلف لدائرة مكافحة الفساد وديوان المحاسبة خلال الأيام الأولى من توليه مهام مسؤوليته، وإشهار ذمته المالية أمام دائرة إشهار الذمة المالية في وزارة العدل بالإضافة الى صياغة وتوقيع ميثاق الشرف الحكومي من قبل كافة أعضاء الحكومة. فاتحة خير وبركة ورسائل قوية من الحكومة بانها تنوي التعامل مع الموضوع بكل جدية.

وعلى اهمية وجدّية وايجابية هذه الإجراءات، الا انها حتما غير كافية وحدها لمعالجة هذه الظاهرة. فحتّى لا يقال بان هذه الإجراءات إنما هي إجراءات إعلامية ودعائية فقط وتأتي ذراّ للرماد في العيون وعلى استحياء واستجابة للتكليف السامي في حده الأدنى، يجب على الحكومة ان تستثمر دعم سيد البلاد و الزخم الشعبي المتولّد في هذا المجال وان تتبع خطواتها الايجابية الأولية بخطوات فعلية جادّة لمعالجة المشكلة من جذورها. يمكن أن تشمل هذه الإجراءات قيام الحكومة بتكلبف هيئة مكافحة الفساد، أو تشكيل لجنة قضائية / حكومية، "لجمع المعلومات وتقصي الحقائق " حول الثروة المالية لكافة رؤساء الحكومات والوزراء السابقين وعوائلهم المقربين، داخل الوطن وخارجه، مع تبرير هذه الثروات ومصادرها (الارث او العمل الخاص المشروع) وتتبعها تاريخياً للوصول والتحقق من متابعها الأصيلة، على ان تنهي الهيئة / اللجنة عملها خلال فترة زمنية محددة وان تنشر نتائجها على الملأ ويتبعها إجراءات محددة للتحويل الى النيّابة العامة والتحقيق عند عدم توفر المبرر الكافي المشروع لهذه الثروة. فسياسة "الصفح عما مضى " لهي من أشدّ السياسات الناخرة في مصداقية ايّة حكومة. وفساد الأمس نتحمل أثاره وتبعاته اليوم وسيتحمل أبناؤنا وزره غدا... يمكن للحكومة ان تفعل كل ذلك لتكون بذلك القدوة و لتؤسس نهجا وعرفا لكافة الحكومات التي ستليها بأن تحذو حذوها عند تشكيل الحكومة وعند انتهاء خدمتها...

المعادلة سهلة وواضحة وبسيطة، فالحكومة، ايّة حكومة، وبغضّ النظر عن الدعم الذي تتلقاه من أي كان، داخليا او خارجيا، لن تتمكن من الحكم الا بثقة الشعب بها. وهنا ليس المقصود "الثقة النيابية " على أهميتها، ولكن المقصود "الثقة الشعبية " المباشرة بأي رئيس وحكومته. هذه الثقة التي تستند بشكل رئيسي على المصداقية المبنية على التاريخ وما يحويه من ذاكرة الأفعال والمواقف والممارسات والسمعة، وعلى الحاضر وما يشكله ويصوغه من إجراءات فعلّية على ارض الواقع. وان كانت الحكومة لا تستطيع السيطرة على التاريخ و ما جرى في غابر الزمن، إلا إنها تتحكم في الحاضر وتستطيع إدارة الأزمة، والفساد هو الأزمة الكبرى، للتخفيف من الضرر الذي جرى او حتى قلبه الى نتائج ايجابية ملموسة في المستقبل بإذن الله.

حقيقة الأمر انه وان كان جل الرؤساء والوزراء السابقين والحاليين نزيهين، إلا أن البعض منهم ليس كذلك.... وحقيقة الأمر أيضا بأن "الثقة الشعبية " التي تضفي الشرعية الأخلاقية للحكومة وتمكنها بالتالي بأن تحكم، ثمنها غال جدا، وان الحكومة، اية حكومة، لن تستطيع الحصول على تلك الثقة الا بدفع هذا الثمن والمتمثل بإعادة الحق الى أصحابه واسترداد أموال الشعب المنهوبة كي يتحقق النمو والازدهار للجميع وينعم ويتمتع بها أبناؤنا وأحفادنا جميعا وليس فقط أبناء وأحفاد تلك الفئة التي سالت لها نفسها الاعتداء على المال العام. وحتى يتأتى ذلك اليوم فلن تكون هنالك مصداقية لأية حكومة وبالتالي لن تكون هنالك ثقة شعبية بها. وستكون الحكومات المتعاقبة ومن وجهة نظر المواطن العادي البسيط، أجساماً هزيلة، قليلة الحيلة، معدومة المصداقية وغير مؤهلة لان تحكم.

أما مجلس الأمة، والذي يترأسه حاليا أحدا أكثر الرؤساء نزاهة واستقامة ودماثة وخلقاً، فهو ملزم أيضا بإعطاء هذا الموضوع جل اهتمامه... ويكون ذلك بتطبيق قانون براءة الذمة المالية على نفسه، بإقرار السادة الأعيان والنواب لذممهم المالية أمام سيد البلاد وأمام الشعب الذي انتخبهم ... كما يجب على المجلس أن يضع ميثاق شرف يؤسس لمنظومة القيم التي يجب أن تحكم عمله وتمكنه من محاسبة أي نائب أو عين تخول له نفسه الحنث باليمين الذي أقسمه على نفسه، بالمحافظة على الدستور والقانون وذلك باستغلال ما منح من سلطات وصلاحيات دستورية لممارسة الفساد.

الإعلام... السلطة الرابعة ... صوت الأمّة... عليه مسؤولية كبرى بتوجيه وتشكيل وتطوير الثقافة المجتمعية حول هذا الموضوع. نريدها حملة ممأسسه و ممنهجة شاملة ومكثفة لنشر الوعي و محاربة الفساد . حملة موضوعية تتسم الدقة وتبتعد عن التهويل... حملة لا يكون هدفها تدمير وتشويه السمعة أو التشهير أو اغتيال الشخصية أو التجني أو زيادة المبيعات أو جلد الذات أو التنكر لإنجازات الوطن... فإنجازات الوطن كثيرة وعظيمة بناها وعزّزها شرفاء هذه الأمة... يجب إبرازها والتركيز عليها قبل التطرق لأي سلبية أو شائبة تعيق المسيرة ... حملة منظمة ومستمرة هدفها خالص لوجه الله تعالى ومصلحة الوطن والولاء للعرش الهاشمي المفدى بالملاحقة الموضوعية للفساد والمفسدين دون كلل أو ملل ... حملة تدفع الحكومة ومجلس الأمة على حد سواء للتعامل مع هذا الموضوع بجدية و إعطائه الأولوية وتساهم ايجابيا في تغيير وتوجيه الثقافة المجتمعية اتجاه الفساد وطرق التعامل مع الفاسدين .

أما الفاسدون، رويبضة هذا العصر ، فأقول لهم أنني بحق أشفق لحالكم... غِيّكم وتكبركم خيّل لكم أنكم استطعتم تحقيق كل شيء... المال الوفير... المنصب الرفيع ... اللقب المميز... الجاه واحترام الناس ... الإرث والذكريات... بينما انتم في واقع الحال لم تحققوا أي شيء... فمالكم غير الحلال لن يسعدكم أو يسعد ذريتكم... بل على العكس تماما، سيكون مصدر تعاسة وشقاء لكم ولهم في الدنيا وفي الآخرة ... المنصب واللقب... مظاهر خادعة إلى زوال ... الجاه واحترام الناس ... جاه مصطنع فارغ غير مستند لأي أساس متين كالتاريخ و دماثة الخلق والعمل الصالح وحب الناس والمعاملة الطيبة وطهارة الجانب وعفة اللسان... واحترام مصطنع من بعض مبني على نفاق لتحقيق مصالح آنية ... إرثكم... فساد وإفساد في الأرض... بذاءة في الخلق والقول والفعل... وذكرياتكم... قاتمة... زائفة... مصطنعة... منقوصة... وناكرة للفضل والجميل... كنتم صغاراً وستبقون صغاراً مهما تبوأتم من مناصب أو حصلتم على ألقاب او تقدم بكم العمر ... خسرتم الله و خسرتم احترام الناس (هذا إن كنتم كسبتموه أصلا) وخسرتم أنفسكم... إما أن تنهض الأمة لتحاسبكم على ما اقترفتم بحقها أو أن تنعموا بكسبكم غير الحلال فيما تبقى لكم من عمر على هذه الدنيا لتحاسبوا على ما اقترفتم يوم لا ينفع وقتها لسان سليط أو تهريج أو تصنع أو تمثيل أو كذب... يوم لن تجدوا من يترحم عليكم عندما لا تنفع إلا الرحمة ... فهنيئا لكم "انجازكم "... هنيئاً لكم زرعكم و هنيئاً لكم ما ستحصدون .

بقلم: د. أحمد ذوقان الهنداوي