30‏/10‏/2010

الصحافة... ودَيْن الاستقالة‬

لا أريد أن أكدِّر على الزملاء الصحافيين ونقابتهم نشوتهم باستقالة وزير البيئة. ولا أرغب في التقليل من حجم الإنجاز الذي حققوه في حماية المهنة ومعنويات العاملين فيها وحقوقهم، لكنني أنبههم إلى أن ما حصل هو دَيْن في رقبتهم تجاه الرأي العام والسلطات، وأن الديْن سيتحول إلى عبء إذا لم يُستخلص أكثر من درس من خطوة الاستقالة التي سلّفتنا إياها الحكومة . 

ومع إدانتنا الكاملة لما تفوَّه به الوزير المستقيل وتضامننا الكامل مع نقابتنا، فإن من النكران أن لا نحيي موقف رئيس الوزراء ومبادرته التي أدت إلى معالجة الإساءة بخطوة تتناسب مع حجمها والتي كرست "السلطة الرابعة" سلطة فعلية تتسلح بالرأي العام من جهة وبالتصرف المسؤول للسلطة التنفيذية من جهة أخرى .

لا أحد يستطيع إشاحة النظر عن الانتصار الذي حققته نقابة الصحفيين، لكنه انتصار يجب أن لا يجعل "الأنا" تتضخم لدينا ولا أن يوهمنا بإنجاز يغطي سلبياتنا بحق المهنة والمجتمع على السواء ... بل ان إنجاز الاستقالة يجب أن يدفعنا إلى التواضع. وأوَّله الاعتراف بأن الجسم الصحافي ليس منزهاً عن الأخطاء، وبأن أدراناً كثيرة تسللت إليه، وبأن الخفة في الطرح والمقاربات ترافق في كثير من الأحيان معالجة القضايا المهمة والأساسية المطروحة في البلاد. وهنا لا أستثني أحداً على الإطلاق، فكلنا شركاء في الإنجاز والأخطاء والسقطات. وثانيه أن واجبنا يقضي بالارتفاع بمستوى المهنة تعليماً وإعداداً وتدريباً وممارسة والتأكيد على أن الموضوعية هي الأساس وأن الرأي يقف عند احترام رأي الآخرين والإقرار بالاختلاف .

هنيئاً للصحافيين بفرض احترامهم على الحكومة والسلطات، وهنيئاً لهم تضامنهم الكامل في هذا الإطار. لكننا يجب أن نعي أننا لسنا عشيرة أو قبيلة تعمل على قاعدة "انصر أخاك..." فاليوم تطابق في الموقف، وغداً لكل مقام مقال. والعبرة في استخلاص العبر... لذا فلنحتفل من غير انتشاء.


بقلم: محمد عليان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق