يا صديق .. من وحي عظم الرسالة أقرأ عليك إنك في دفتر المجد قلمٌ ودفتر، واستميحك عذراً يا سيدي وأنا أكتب إليك إن تكسّرت كلماتي أو شاع لحن بين معاني مفرداتي؛ فالكتابة إليك وأنا بعضٌ منك وكلي إليك كالكيّ بالنار، إن لامست مواطن الألم بمفاصل الجسد برئ الجسم من العضال وإن أخطأَت احترق الجلد وتكسر العظم فيمتد الألم حتى النخاع.
يا صديق .. من ومض الشوق في أحداق شوقي أشد الكتابة إليك، يا من نهضت في قافيته مبجلا وكدت أن تكون في شعره رسولا. سلام عليك لأنك أسست فينا مدماكين وسورتهما بسوار عظيم، أما الأول فقد علمتنا أبجدية الكتابة والقراءة فصعدنا بالأول إلى الثاني حين أرضعتنا أبجدية الانتماء والولاء، وكحّلت سورهما بالخلق الرفيع.
يا صديق .. سلام عليك وأنت تُنشد علينا ونحن على مقاعد الدرس أن الأمة ما هانت ولا أرعنت إلا لأنها ابتعدت عن ثلاث السيف ، والقلم .. والكتاب، تفتح ديوان أبي تمام وتعلمنا درساً في الحماسة، فندرك سرّ صدق السيف في النبأ حين يلامس الخبر آذان المعتصم فترقص شواربة غضباً .
علمتنا يا سيدي أن القلم والكتاب صنوان، فقلم المعلم هو سيف المحارب، وكتابه هو ساحة الوغى، وكلاهما خلان لا يخونان صاحبهما. يا صديق .. سلام عليك وأنت تقطع على نفسك عهداً وتقسم على كتاب الله العظيم إنك ماضٍ في أداء رسالتك وإنكم معشر المعلمين على امتداد رقعة الوطن الرّعاة المخلصين لرسالتهم، فغبار الطباشير في راحات أيديكم هو الكحل في عيون الوطن، لا ينكره إلا فاقد جميل، ومن يجحد ذلك فهو كمثل الذي ينكر الشمس، ومن ينكر الشمس حتماً ينكر الشهبا. يا صديق .. لك في كل عام يوم اسمه عيد، إلا أنك عندي نبض النشيد في الوريد.
بقلم: الأستاذ صالح الطورة
المصدر: مدونة الأردن
جميل جدا
ردحذف