29‏/06‏/2010

مياهنا ومياههم!!

قرأت باهتمام بالغ، عن مشروع التحفيز في مجال المياه، وتقييم المشاكل "السلوكية" في تعامل الناس مع هذا القطاع، والذي أعلنت عنه وزارة المياه والري؛ بهدف بناء خطة عمل، لتعديل تلك "السلوكيات"، خلال فترة تستغرق أربعة أعوام.
كما لفتت انتباهي دراسات سابقة للوزارة، توضح أن "سلوكياتنا"، تهدر 40 % من المخزون المائي في الحمامات والاستحمامات، فيما تضيع 45 % على ري "الحديقة"!
تتحدثون عن السلوكيات؟ اسمحوا لي أن أدلو بدلوي بهذا الشأن، وكما أراه
من وجهة نظر (ثانية) ...
1. أكثر من نصف سكان الأردن، يصلون الآن الفجر حاضرا، يوما واحدا على الأقل في الأسبوع، إبان انتظارهم الطويل للمياه، المقرر وصولها رسميا، في الثانية عشرة ودقيقة بعد منتصف الليل. وهم يسلون أنفسهم، بمناوبات النوم والاستيقاظ لأفراد العائلة البالغين. وبالالتصاق بالعين السحرية، لمراقبة تحركات الجيران إلى سطح العمارة، والتي ربما تشي عن تحركات غير مقبولة، حول خزانات المياه، لها علاقة برفع العوامات سرا، واستخدام "بربيش" مقطوع، في عملية شفط ونقل مياه خزان الجار المغترب في السعودية، أو ربما إغلاق مواسير التغذية المائية، عن باقي الخزانات، بهدف الاستفادة القصوى من ساعات الضخ الشحيحة!
2 . نجحت أخيرا وسائل الحكومة الرشيدة، في تحفيز المواطنين، على الاهتمام بالرياضة وممارستها، كسلوك حضاري جميل، بعد أن سجلت مسابقات الـ "تيلي ماتش" أرقاما قياسية، تتنافس عليها أحياء المدن الكبرى في الأردن. وتضم المسابقة فرقا لتعبئة ونقل أكبر قدر ممكن من "سطول" البلاستيك، وأخرى في سباقات الصعود والنزول، من وإلى أسطح العمارات، وثالثة في ممارسة رياضة روحانية مدهشة، أطلق عليها اسم "صبرا جميلا والله المستعان"!
3 . تمكنت المرأة الأردنية من تسجيل سبق سلوكي نوعي للغاية، حين استطاعت أن تتحايل على قصر عمر ساعات الاستفادة من المياه الممنوحة حكوميا، وذلك بعد أن قلبت مواقيت عمليات التنظيف، وخصوصا غسيل الملابس، حيث سجلت ساعات الفجر الأولى، أوقات الذروة في دوران الغسالات، وانتشار رائحة المنظفات، وما صاحبها من عمليات التسريع اللازمة في النقع والشطف و"البح" والنشر!
نعم يا سيادة الوزارة المصونة ... هذه بعض نماذج من سلوكياتنا المائية، والتي تصلح أن تكون دروسا في نشر وعي وثقافة "اللي بيجيش معك روح معاه"! بالله عليكم عن أي سلوكيات تتحدثون، ضمن معطيات القلة والإرهاق والعصبية، التي تتولد تلقائيا من القلق الدائم على شح المياه؟ هل تعتقدون حقا أن هدرا مائيا يمكن أن يسجل في بيوتات تحسبها بالقرش؟
وأعني هنا أغلبية البيوتات ... الأغلبية؟!
هذه التي تعرف، أن حماما زائدا على الحاجة، يمكن أن يكلفها ثمانية دنانير إضافية، ثمنا لمتر مياه من الشركة، مع احتمال ألا يصل أصلا .. هي نفسها التي يجلس أصحابها أمام شاشة التلفاز، يهزون رؤوسهم، موافقين على كل كلمة، عبرت عنها إعلانات ترشيد المياه، وكأنها موجهة لهم وحدهم!
هذه التي تعلمت الصبر وطول البال، من تجربة الاتصال مع شركة المياه، والسؤال عن موعد الوصول الميمون، وتلقي إجابات عجيبة من أمثال، "إذا مش عاجبكو .. استنوا مشروع جر مية الديسي"!
عجائب والله مقدرة علينا كل صيف، وحكايات تنفع لمسلسلات كوميدية، نسمعها من مواطنين مساكين، لا يلوون على شيء، إلا حسن الاستمتاع بالساعات القليلة للضخ، مواطنين لا ذنب لهم، إلا أنهم لا يملكون خلف بيوتهم ... حديقة!

بقلم: حنان كامل الشيخ
المصدر: الغد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق