29‏/06‏/2010

الستارة تسدل قريبا على ملف مصفاة البترول.. استعدادات لكل السيناريوهات والصراع بعيدا عن القضاء


سيناريوهات متعددة تطال الأثار السياسية لختام مشهد قضية مصفاة البترول الاسبوع المقبل، فقبل يوم واحد من الجلسة المقررة الاسبوع الماضي للنطق بالحكم في هذا الملف الشائك استبشر المحامون خيرا لصالح موكليهم الاربعة حتى وصل الامر بالمحامي البارز احمد النجداوي باصدار تصريح يتوقع فيه حصول المتهمين على البراءة بسبب عدم وجود قضية كما قال.
صبيحة ذلك اليوم فاجأت المحكمة المتهمين والمراقبين الذين حبست انفاسهم بتأجيل النطق بالحكم لاسبوعين تقريبا حتى يتم تدقيق اوراق القضية قبل اقفالها في محكمة امن الدولة بصفتها جريمة اقتصادية.



سياسيا يحتفظ المحامون الذين استمعت 'القدس العربي' لبعضهم بسيناريوهان احدهما سيىء والآخر جيد، وسياسيا تحتفظ الحكومة ايضا بسيناريوهان ولا ترى انها خاسرة بكل الاحوال بعد الضجة التي اثارها هذا الملف الذي اتهمت فيه اربع شخصيات متنفذة لا يستهان ببعضها.

طوال الاسابيع الاربعة الماضية وبعد الافراج عن المتهمين بالتساوق مع سير القضية تمكن المتهمون وهم رجل الاعمال خالد شاهين والوزير السابق عادل القضاة واحمد الرفاعي ومحمد الرواشده من الاتصال بكفاءة بالمجتمع وظهروا صلبين وهم يدفعون مع المحامين الجمهور والنخب لاتجاه يقول بعدم وجود قضية اصلا وهو رأي مفهوم عمليا قد يكون للمحكمة تقدير آخر بخصوصه.
وما يمكن فهمه من رئيس الوزراء سمير الرفاعي هو ان الحكومة ارسلت هذه القضية الى القضاء وتركت الملف ولم تعد تهتم به وهو انطباع يبدده من يبدو مقتنعا بأن الملف تحرك اصلا على خلفيات سياسية مع اخطاء في التنفيذ يحملها الكثيرون فيما يبدو لوزير العدل ايمن عوده.

بالنسبة للحكومة كان ملف مصفاة البترول اول قراراتها بسبب اهمية الموضوع ومبكرا برز الانطباع بأن التحقيقات في القضية قد تطال شخصيات اساسية في حكومة الرئيس نادر الذهبي، لكن احدا في حكومة الرفاعي لم يقترب من تجربة الذهبي فبعدما حولت القضية للمحكمة وكما تقول بعض المصادر اصبح الذهبي هو الرجل المعني بادارة حزمة مهمة موعودة من 'الاستثمارات القطرية'.

لذلك وسياسيا ايضا لم يكن من اللائق اقحام حكومة الرجل بموضوع من هذا النوع وسط انطباع عام بأن اداء حكومة الرفاعي في هذه القضية لم يكن مقنعا ووسط انطباع خاص لافراد الحلقة المعنية بعدم وجود قضية ووقوع جرم في الواقع كما يخبر المحامي محمد ابو رمان 'القدس العربي'.

المصلحة اذا تطلبت ابعاد الحكومة السابقة نفسها عن مسارات المسألة والحيثيات التي اعتمد عليها المطبخ القانوني في وزارة الرفاعي ويضم مع الوزير عوده رئيس ديوان تشريع الرئاسة المحامي المحنك هشام التل.. هذه الحيثيات قدرت حصول مخالفات قانونية محددة لافراد محددين في اطار جريمة صنفتها الحكومة متأخرة اقتصادية مما يبرر اصلا تحويلها للقضاء العسكري.
المدافعون عن خط وزارة الرفاعي في هذا الاتجاه يقولون انه كان من البداية يريد تصنيفها كجريمة اقتصادية، لكن اجتهادا ما في طاقمه حال دون ذلك ليحصل الاستدراك لاحقا مع كلفته التي اشار لها النجداوي والمحامي فيصل البطاينة عدة مرات حيث حصلت خطوات كان يمكن الاستغناء عليها وتخص القضاء المدني.

بالنسبة للرفاعي لا يوجد اي خلل في التعامل مع هذه القضية المودعة الآن بين يدي القضاء النزيه فلو قررت المحكمة عدم مسؤولية المتهمين او براءتهم لاتضح لصالونات السياسة المروجة للاتهامات المعلبة بأن الحكومة لم تتدخل ولم تمارس اي ضغط من اي نوع على سلطة الجهاز القضائي خلافا للانطباعات التي يروجها البعض.

ولو دانت محكمة امن الدولة المتهمين فالمسألة هنا تخص قرارا قضائيا مستقلا سيخضع لاحقا للتمييز في اعلى محاكم البلاد.. هذه هي السيناريوهات التي تاخذها الحكومة بالاعتبار، وهي تعتبر نفسها معزولة عن سياق التأثيرات السياسية السلبية لهذه القضية المعقدة وهو تقدير قد لا يكون دقيقا لان الفشل في ادارة ملف قضية من هذا النوع سيمس بمصداقية خطاب مواجهة الفساد برمته.

بالنسبة للمحامين في هيئة الدفاع ثمة سيناريوهان سياسيان ايضا فالبراءة او عدم المسؤولية تعني ان الجهة التنفيذية ـ وهي الحكومة ـ لم تقدم ادلة كافية ومقنعة والادانة ستعني الاستعداد لدرجة التقاضي التالية في محكمة التمييز العليا، الامر الذي سيحتاج لعدة اشهر تكون فيها البلاد قد اغلقت ملف الانتخابات والرأي العام نسي هذه القضية ويستعد لولادة وزارة جديدة قد لا يكون الرفاعي على رأسها وفقا لأحد المحامين.

بقلم:  بسام البدارين
المصدر: القدس العربي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق